تعليل التسمية فى تفسير البحر المحيط لأبى حيان الأندلسى (ت745هـ)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد فى قسم أصول اللغة فى کلية اللغة العربية فرع جامعة الأزهر بالزقازيق

المستخلص

فإن خير ما يتنافس فى دراسته، وأفضل ما تبذل فيه الأوقات والسنون هو کتاب الله تبارک وتعالى "الذى لا تزيغ به الأهواء، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء"([1])0
لذا فإنى يممت وجهى إلى دراسة جانب من جوانب لغة القرآن الکريم فى کتاب من أجل کتب التفسير وأعظمها وهو کتاب: "البحر المحيط" لأبىحيان الأندلسى، وسميت هذه الدراسة بـ"تعليل التسمية فى تفسير البحر المحيط"0
وتظهر أهمية هذه الدراسة فى أنها توضح العلة فى مدى تعلق الاسم بمسماه أو ارتباطه به، کما تبين أيضا حکمة هذه اللغة الشريفة اللطيفة وحکمة العرب أنفسهم فى إطلاق الأسماء على مسمياتها، فقد ذکر أبوعمرو الدانى (ت444هـ) فى حديثه عن الفتح والإمالة: أن العرب تسمى الشئ باسم ما هو منه، وما قاربه وجاوره، وکان بسبب منه، وتعلق به ضربا من التعلق، وهذه عبارته: "والإمالة أيضا على ضربين: إمالة متوسطة، وإمالة شديدة، والقراء تستعملهما معا، فالإمالة المتوسطة: حقها أن يؤتى بالحرف بين الفتح المتوسط وبين الإمالة الشديدة، والإمالة الشديدة: حقها أن تقرب الفتحة من الکسرة، والألف الساکنة من الياء من غير قلب خالص، ولا إشباع مبالغ، والمصنفون من القراء المتقدمين، وغيرهم قد يعبرون عن هذين الضربين من الممال بالکسر مجازا واتساعا ، کما يعبرون عن الفتح بالتفخيم ، ويعبرون أيضا عنهما بالفتح والإضجاع، وذلک کله حسن مستعمل بدليل تسمية العرب الشئ باسم ما هو منه، وما قاربه وجاوره، وکان بسبب منه، وتعلق به ضربا من التعلق، ولهذا يعبر عن الأسماء بالضم فى نظائر لذلک"([2]) 0
ومع هذا فإن علماءنا الأوائل قد صرحوا بأن الأسماء کلها لعلة، إلا أنه قد خفى عليهم بعض علل التسمية، لبعدها فى الزمان عنهم، وهذا ما أوضحه ابن جنى حين قال: "وقد يمکن أن تکون أسباب التسمية تخفى علينا لبعدها فى الزمان عنا، ألا ترى إلى قول سيبويه: "أو لعل الأول وصل إليه علم لم يصل إلى الآخر" يعنى أن يکون الأول الحاضر شاهد الحال، فعرف السبب الذى له ومن أجله ما وقعت عليه التسمية، والآخر ـ لبعده عن الحال ـ لم يعرف السبب للتسمية، ألا ترى إلى قولهم للإنسان إذا رفع صوته: قد رفع عقيرته، فلو ذهبت تشتق هذا، بأن تجمع بين معنى الصوت، وبين معنى "ع.ق.ر" لبعد عنک وتعسف، وأصله أن رجلا قطعت إحدى رجليه فرفعها ووضعها على الأخرى، ثم صرخ بأرفع صوته، فقال الناس: رفع عقيرته"([3])0
ويقول ابن الأعرابى: "الأسماء کلها لعلة، خصت العرب ما خصت ، منها من العلل ما نعلمه، ومنها ما نجهله ...، فإن قال لنا قائل: لأى علة سمى الرجل رجلا، والمرأة امرأة، والموصل الموصل، ودعد دعدا؟
قلنا: لعلل علمتها العرب وجهلناها، أو بعضها، فلم تزل عن العرب حکمة العلم بما لحقنا من غموض العلة وصعوبة الاستخراج علينا"([4])0
ولعل بحثى هذا يدحض أو يساعد فى دحض مقولة من زعم بأن الأسماء لا تعلل0
وقد قمت بجمع المادة العلمية من کتاب البحر المحيط لأبىحيان الأندلسى، واتبعت فى دراستها المنهج الوصفى الاستقرائى، أعنى: أننى بعد عرض کلام أبىحيان أتبعه بالتأصيل بعد استقراء کتب اللغة وغيرها ما أمکننى ذلک، وما أتيح لى الرجوع إليه0
وبعد المقدمة والتمهيد صنفت هذه المادة العلمية على تسعة عشر مبحثا، وخاتمة، وفهارس للمصادر والمراجع0
ففى المقدمة: بينت أهمية هذا الموضوع وسبب اختيارى له0
وفى التمهيد : عرضت  لعلم الاشتقاق وأهميته وأنواعه، ولمعنى تعليل التسمية، وملاحظها ، وعلاقتها بالاشتقاق 0
وفى المبحث الأول: تسمية الشئ باسم وظيفته، أى: عمله، أو بخواصه وصفاته فى عمله0
وفى المبحث الثانى: تسمية الشئ باسم ما يشبهه0
وفى المبحث الثالث: تسمية الشئ باسم ما يئول إليه0
وفى المبحث الرابع: تسمية الشئ باسم صفة فيه0
وفى المبحث الخامس: تسمية الشئ باسم لونه 0
وفى المبحث السادس: تسمية الشئ باسم ما يلازمه 0
وفى المبحث السابع: تسمية الحال باسم المحل أو العکس0
وفى المبحث الثامن: تسمية الشئ بوصف أو هيئة يکون عليها0
وفى المبحث التاسع: تسمية الشئ باسم ما آل إليه0
وفى المبحث العاشر: تسمية الشئ باسم سببه0
وفى المبحث الحادى عشر: تسمية الشئ باسم ما يقع فيه0
وفى المبحث الثانى عشر : تسمية الشئ باسم مجاوره0
وفى المبحث الثالث عشر: تسمية الزمان بملابسه0
وفى المبحث الرابع عشر: تسمية الشئ باعتبار علاقته مع غيره0
وفى المبحث الخامس عشر: تسمية الشئ باسم طبيعته0
وفى المبحث السادس عشر: تسمية الشئ باسم أول أحواله 0
وفى المبحث السابع عشر: تسمية الشئ باسم طعمه 0
وفى المبحث الثامن عشر: تسمية صفة الشئ باسم مکانه0
وفى المبحث التاسع عشر: تسمية الشئ باسم جزئه0
وفى الخاتمة: ذکرت أهم النتائج التى توصلت إليها0
ثم جاء ثبت المصادر والمراجع0
وأسأل الله تعالى أن أکون قد وفقت فيما قصدت إليه، وأن يجزى أساتذتنا عنا خيرا، ويجعل هذه الأعمال فى موازين حسناتهم 0
والله ولى التوفيق
الباحث


 

الكلمات الرئيسية