النقد اللغوى فى کتاب الدلائل فى غريب الحديث للقاسم بن ثابت السرقسطى ( ت 302 هـ )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس أصول اللغة فى الکلية جامعة الأزهر

الكلمات الرئيسية


فلم یبلغ قوم فى الحفاظ على لغتهم والتفانى فى خدمتها والحرص على نقائها ما بلغه العرب ، فحین التوت الألسنة بمخالطة الأعاجم دفعت الغیرة على اللغة للمسارعة بوضع القواعد التى تحمى الألسنة من الخطأ ، فرصد العلماء الانحراف اللغوى الذى طرأ على الفصحى ، وتعجل بعضهم فى تخطئة وتصویب ما رصدوه ، وتباینت وجهات نظرهم فى ذلک بین متشدد ومتساهل .

ولکن " ینبغى لمن یضع نفسه فى موضع الناقد اللغوى - بل یجب علیه -
 أن یتسلح بسلاح آخر فوق غیرته على الفصحى وحرصه علیه ، وینبغى أن تتوفر لدیه دربة على هذا السلاح وإجادة استعماله ؛ لئلا یضیر أهله من حیث أراد له أن یفید " ([1]) .

وعلى الناقد اللغوى أن یضع اللغة العربیة " على الجادة الوسطى بین الجمود المانع من الحرکة والتجدید والحیاة النامیة ، والفوضى أو الإباحیة اللغویة القاتلة لخصائص اللغة المشوهة لها " ([2]) .

وقد أسهم الحدیث النبوى إسهامًا کبیرًا فى حفظ هذه اللغة العربیة ولهجاتها الفصیحة ، وفى ذلک فوائد علمیة أعانت وتعین الباحث على معرفة الدلیل القاطع على فصاحة ما جاء مخالفًا للقواعد اللغویة والنحویة العامة ([3]) .

ولا غرو فقد اعتمدت کتب التصویب اللغوى على الحدیث النبوى فى التخطئة والتصویب ، هذا وقد لفت نظرى عنایة القاسم بن ثابت السرقسطى المتوفى
( 302 هـ ) بالنقد اللغوى فى کتابه الدلائل فى غریب الحدیث ، ونقله عن علماء مغمورین نصوصًا فى اللحن ، وتفرده بنقل نصوص أخرى فى النقد اللغوى لأعلام مشهورة .

فکان هذا الموضوع الذى یحمل عنوانًا وهو " النقد اللغوى فى کتاب الدلائل فى غریب الحدیث للقاسم بن ثابت السرقسطى ت 302 هـ "

ومن الدوافع - أیضًا - أردت لفت الأنظار إلى أن اللغویین لم یقفوا من الحدیث الشریف موقف النحاة ، بل اتخذوه حجة فى بیان صحة الألفاظ وخطئها .

وقد اشتمل البحث على مقدمة وتمهید ومدخل ، وأربعة مباحث وخاتمة على النحو التالى :

أما المقدمةفعرضت فیها لأهمیة الموضوع ، ودوافع اختیارى له ، والمنهج الذى سرت علیه .

أما التمهیدفاشتمل على حیاة القاسم بن ثابت السرقسطى ، حیث تکلمت فیه عن اسمه وکنیته ، ومولده ، ونشأته ، وعلمه ، وأخلاقه ، وشیوخه ، وتلامیذه ، ومؤلفاته ، ووفاته ، وعرضت فیه لموضوع الکتاب ، ومنهجه فیه ، وأهمیة الکتاب .

أما المدخل فأومأت فیه إلى التطور المطرد للعربیة على ألسنة المتکلمین ، ودفاع العلماء عن اللغة وحمایتها ، وتباین وجهات نظر علماء التصویب اللغوى بین متشدد ومتساهل ؛ لاختلاف مقاییسهم فى التخطئة والتصویب ، وذکرت المقیاس الذى لابد أن یحتذى فى التخطئة والتصویب ، وعرضت لعنایة کتب التصویب اللغوى بالحدیث الشریف ، واهتمام علماء غریب الحدیث بالتصویب
 اللغوى ، ثم تحدثت عن معنى اللحن ، ومظاهره ، وأشکاله ، وتحدثت عن أهمیة کتب التصویب اللغوى فى الحقل اللغوى .

أما المبحث الأول: فعنوانه المستوى الصوتى ، حیث عرضت فیه لأمثلة اللحن فى الأصوات .

والمبحث الثانى : عنوانه المستوى الصرفى ، تحدثت فیه عن أمثلة اللحن فى البنیة .

والمبحث الثالث:عنوانه المستوى النحوى ، تکلمت فیه عن أمثلة اللحن فى الترکیب .

والمبحث الرابع : عنوانه المستوى الدلالى ، عرضت فیه لأمثلة اللحن فى الدلالة .

والخاتمة : تضمنت أهم النتائج .

هذا وقد لزمت القصد بین أقوال المتشددین والمتساهلین ، وسبیلى فى ذلک اتباع کلام العرب ، واستقراؤه فى معاجم اللغة ودواوینها ، بعد الوقوف على معظم الآراء وأدلة العلماء فى ذلک ، ثم  رجحت المختار على حسب قوة الأدلة .

فإن کنت قد وفقت فیه فبفضل الله ، وإن تکن الأخرى فمن نفسى ومن الشیطان .

والله ولى التوفیق