خصائص لغوية في قراءة ابن السَميْفَع

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس في قسم أصول اللغة بکلية اللغة العربية بالقاهرة جامعة الأزهر

المستخلص

 فإن القرآن الکريم کتاب الله الخالد أحق ما يشتغل به الباحثون ، وأفضل ما يتسابق فيه المتسابقون ، فالقرآن بحر لا يدرک غوره ، ولا تنفذ درره ، ولا تنقضي عجائبه .
وقد ظهر اهتمام العلماء بالقرآن الکريم في جوانبه المتنوعة منذ نزوله فتعددت الدراسات التي تتعلق بعلومه ، ومن العلوم التي شغلت أذهان العلماء قديماً وحديثاً " علم القراءات القرآنية " سواء کانت متواترة أم شاذة ؛ لأن رواياتها هي أوثق الشواهد على ما کانت عليه ظواهرها اللغوية المختلفة ؛ لأنها جانب أدائي ، وهي في حقيقتها روايات تتصل بأداء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ووجوه أدائه لها .
    " فالقراءات الشاذة ـ وإن ضعف القراء قراءتها في التلاوة ـ يحتج بها في النحو واللغة والشريعة إذ هي أقوى سنداً ، وأصح نقلاً من کل ما احتج به العلماء من الکلام العربي غير القرآن " ([1])  يقول الشيخ عضيمة : " القرآن الکريم حجة في العربية بقراءته المتواترة وغير المتواترة کما هو حجة في الشريعة ، فالقراءة التي فقدت شرط التواتر لا تقل شأنًا عن أوثق ما نقل إلينا من ألفاظ اللغة وأساليبها ، وقد أجمع العلماء على أن نقل الله يکتفى فيه برواية الآحاد . " ([2])                     
    ونظرًا لما تمثله القراءات من مکانة عظيمة فهي من أغنى مأثورات التراث اللغوي بالمادة اللغوية التي تصلح أساسا يُحتذى به في جميع الدراسات ، وأنها تمثل مرحلة من مراحل تاريخ اللغة في عصور الفصاحة ، ومرآة صادقة تعکس الواقع اللغوي السائد في شبه الجزيرة العربية في وقت تعددت فيه القراءات فهي لذلک تعد مصدراً أصيلاً في دراسة اللهجات فضلاً عن شهرة أصحابها بالضبط ، والدقة والإتقان ، وسعة  المعرفة بالمعرفة ووجوهها ومن ثم عکف کثير من الباحثين لدراسة القراءات القرآنية من وجهتها اللغوية : صوتًا وبنية وترکيبًا ودلالة ، فنالت نصيباً موفوراً من البحث والدرس ، وقد تناولت تلک الدراسات الکثير من القراءات متوا ترها ، وشاذها بالوصف والتحليل عدا بعض القراءات ، والتي منها قراءة ابن السميفع ؛ لهذا وجهت وجهي شطرها أنقب عن مکنونها ، وأجمع متفرقها من بطون کتب القراءات والتفسير ، وأوثقها وأوجهها وسميت هذا البحث " : خصائص لغوية في قراءة ابن السميفع " .
   وقد کان لهذا الاختيار أسبابه منها ما يلي :      
ـ أن قراءته تمثل قراءة شيوخه وخاصة ابن کثير .
ـ الرغبة بأن تکون بحوثي متعلقة بکتاب الله الخالد أملاً ورغبة في الثواب الجزيل ، وطمعًا   في الرحمة والمغفرة ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) . 
ـ محاولة جمع قراءة ابن السميفع المتناثرة في أمهات الکتب ، ونظمها في سلک واحد ؛ ليسهل على الباحثين الرجوع إليها وبخاصة أني لم أجد ـ فيما أعلم ـ من جمعها ودرسها على هذا النحو .
   ه