کثيراً ما تتوافق قرائح الشعراء والکتاب في تناول المعاني ، وتتواطأ عقولهم حول فکرة واحدة ، وتتعاور أحاسيسهم صورا لمست حنايا وجدانهم ، فتجد التوافق في کثير من الألفاظ ، وفي الوزن والقافية وحرف الروي إذا کان الکلام من الشعر ، وقد شغل نقادنا القدامى بهذه القضية ، وأفردوا لها صفحات في مؤلفاتهم تحت باب " الأخذ والسرقة " ، ورأوا أن مسألة المعاني وانتقالها ، وتطورها ، والزيادة عليها ليس فيه أثر للمأخذ الذي أخذت منه ، مادام ألبس ثوباً جديداً ، واکتسب صياغة جديدة ، وأما أخذ شعر الغير لفظاً ومعني ، دون تبديل أو تغبير ، ودون أن يکون للشاعر أثر جديد في تناول المعني ، فهو ما يدخل في دائرة الأخذ والسرقة . ومن هنا جاءت فکرة هذا البحث بالتطبيق على المعاني المتداولة بين الشعراء من خلال فن التشبيه ، ومعروف أن دراسة الشعر سبيل الي معرفة إعجاز القرآن الکريم يقول الشيخ عبد القاهر " أن الحجة قامت بالقرآن من جهة کونه بالغاً في البلاغة مبلغاً تعجز عنه قوى البشر ، ولا يمکن أن نعرف هذا إلا إذا عرفنا الشعر وميزناه ، وأحکمنا فهمه ونقده ، وعرفنا الأمر الذى به يفضل بعضه بعضاً ، والأمر الذي به يفضل القرآن کل شعر وکل کلام " ([1]) . ومما لا شک أن الدراسة التي تجعل أبنية الشعر أساساً لها ، ثم تهتدي بکلام العلماء في تصنيفها ، وتوصيفها دراسة جليلة ، لأنها تمد الدراسة البلاغية بصيغ جديدة ، فتغزر المادة البلاغية ، وتتنوع وتکون أقدر علي استيعاب ما في النصوص من عناصر ذات تأثير ([2]). أما عن اختيار التشبيه ، فلأنني وجدت أکثر المعاني المتداولة بين الشعراء ، تجري في هذا الفن ، فضلا عن أن التشبيه من المجالات التي يتباري فيها الشعراء لإظهار قدرتهم ، وبراعتهم وتفوقهم على غيرهم ، کما أنه أحد الوسائل التي تستخدم في الإبانة ، والکشف عن مکنون النفس ، وما يدور بداخلها . وکنت في تناولى للدراسة التطبيقية للمعاني المتداولة في فن التشبيه أبين ما تميز به السابق عن اللاحق في الصورة التشبيهيه ، وما أجاد فيه اللاحق وتفوق علي السابق کذلک ، وذلک بقراءة الأغراض والمقاصد ، وتحليل التراکيب اللغوية ، ودورها في بناء التشبيه . هذا ... وقد جاءت هذه الدراسة في مقدمة ، ومبحثين ، وخاتمة ، وفهارس . المقدمة : وفيها بيان بقيمة الموضوع ، وسبب اختياره . المبحث الأول : تداول المعاني بين الشعراء في الدرس البلاغي والنقدي ، وفيه بيان لآراء نقادنا القدامى في هذه القضية ، من أمثال ، قدامة بن جعفر ، والحاتمي ، والقاضي الجرجاني ، والآمدى، والعسکري ، وعبد القاهر الجرجاني ، وابن الأثير ، والخطيب القزويني . المبحث الثاني : المعاني المتداولة بين الشعراء تطبيقاً علي فن التشبيه وعرضت من خلاله لصور تشبيهية من المعاني التي يکثر دورانها علي ألسنة الشعراء في موضوعات متفرقة ، کمثل تصوير الوقوف علي الأطلال ، وتصوير احمرار الخدود ، وتصوير الطعنة النافذة ، وتصوير المخاوف ، وتصوير عهود الأحبة وغير ذلک . الخاتمة : وفيها أهم نتائج البحث ، ثم المصادر والمراجع ، وأخيراً فهرس الموضوعات . والله أسأل السداد والتوفيق ، وأن يکون هذا العمل فيه إضافة للدرس البلاغي . والله ولي التوفيق
حسين حسن محمود, حماد. (2008). تـداول المعـاني بين الشعـراء فـي ضــوء فـن التشبيه. حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 12(6), 4769-4855. doi: 10.21608/bfag.2008.29232
MLA
حماد حسين حسن محمود. "تـداول المعـاني بين الشعـراء فـي ضــوء فـن التشبيه", حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 12, 6, 2008, 4769-4855. doi: 10.21608/bfag.2008.29232
HARVARD
حسين حسن محمود, حماد. (2008). 'تـداول المعـاني بين الشعـراء فـي ضــوء فـن التشبيه', حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 12(6), pp. 4769-4855. doi: 10.21608/bfag.2008.29232
VANCOUVER
حسين حسن محمود, حماد. تـداول المعـاني بين الشعـراء فـي ضــوء فـن التشبيه. حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 2008; 12(6): 4769-4855. doi: 10.21608/bfag.2008.29232