حجاج الوليد بن المغيرة حول القرآن الكريم بين الإقناع والإمتاع

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية

المستخلص

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، أنزله بأفصح لسان، وأودع في آيه غرر البلاغة ودرر البيان، والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد
فقد نزل القرآن الكريم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ برهانًا على صدق دعوته، وقد بلغ غايةَ الفصاحة ونهايةَ البلاغة، فتحدى به قومًا ملكوا ناصية الفصاحة وفنون الكلام، فبهرتهم سلاسة ألفاظه، وإحكام أساليبه حتى قال الوليد بن المغيرة: (والله إن للقول الذي يقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يُعلى) ([1]) فقد وصف القرآن بأرقى الكلمات، فجمع بين الفصاحة والبيان، فكان قوله بليغًا مقنعًا في الآن ذاته، فقد أمتع كل من سمع قوله عن القرآن، ولكنه خدع عقله وعقول قومه بتفسيره بالسحر، واستخدم في ذلك حجج واهية وحاول اقناع أتباعه بأن يثبتوا للقرآن ما نفاه هو عن القرآن مستخدمًا أسلوب الحجاج ويؤكِّد ادِّعاءاته بحجَّةٍ شبه منطقيَّةٍ هي حجَّة التَّماثل والحَد؛ لذلك ركزت هذه الدراسة التي جاءت بعنوان: (حجاج الوليد بن المغيرة(95 ق هـ: 1 هـ) حول القرآن الكريم بين الإقناع والإمتاع) على بلاغة الجانب الاقناعي والحجاجي، الذي يظهر بصورة بارزة في حوار الوليد بن المغيرة مع زعماء قريش في أمر سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما جاء به، متبعة المنهج التحليلي، بهدف رصد الملامح الحجاجية في قول الوليد بن المغيرة عن القرآن. وقد تكون البحث من مقدمة، وتمهيد وثلاثة مباحث: وتناولت في التمهيد مفهوم الحجاج والإقناع، والتعريف بشخصية الوليد بن المغيرة. ثم تطرقت في المبحث الأول إلى الحديث عن الحجاج بين التراث والحداثة وأنواعه وأهميته وعلاقته بالبلاغة والاقناع. وبعد هذا المبحث النظري يأتي المبحث الثاني التطبيقي: ورصدت فيه مجمل الأساليب الحجاجية التي استخدمها الوليد في حواره مع قريش عن رسول الله ـ ﷺ ـ وعن القرآن الكريم، وأما المبحث الثالث: فكان بعنوان عقاب الوليد بن المغيرة بين سورتي المدثر والقلم. وجاءت خاتمة البحث بها النتائج ومنها: أن التطور الذي عرفته البحوث الحجاجية نابع من استلهام الموروث البلاغي عند العرب من خلال إحياء التراث البلاغي، أن الوليد يعد أوّل من تنبّه إلى عظمة القُرآن، وأول من شهد بإعجازه وجاءت كلمته المأثورة عن القرآن الكريم، جامعة لكثير من وجوه إعجاز القرآن الكريم. أن الوليد يمتلك عقلية حجاجية مكنته من بناء حواره بناءً حجاجيًا قادرًا على الوصول إلى الأهداف والغايات التي سطرها منذ البداية وهي اقناع زعماء قريش بأن ما يقوله سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ سحر، نال الوليد بن المغيرة عقاب الجرأة على الله عز وجل، لذلك ظل القرآن يلاحق الوليد وأمثاله في أكثر من مرة وفي أكثر من سورة وبأكثر من أسلوب مما جعله يعيش الصراع الداخلي
([1]) هذا القول جزء من حديث أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 2/550 في كتاب التفسير، باب: تفسير سورة المدثر، الحديث رقم: 3872، وقال عنه: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»  ووافقه الذهبي، والبيهقي في دلائل النبوة 2/75 رقم 505.

الكلمات الرئيسية