اَلتَّنَاصّ اَلْقُرْآنِيِّ فِي شِعْرِ اَلْجِهَادِ (اَلْقَرْنِ اَلسَّادِسِ اَلْهِجْرِيِّ)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ جامعة جازان ـ المملكة العربية السعودية .

المستخلص

يُعَدُّ الدِّينُ مِنْ أَهَمِّ اَلْمُكوِّنَاتِ في اَلْمَجتمعِ التي تُشَكِّلُ وَعْيَهُ، وتعملُ على تَحديدِ اتِّجَاهه، وعاداته، -حتى في الشِّعرِ الجاهلي نَلْحَظُ بَعْضَ اَلإِشَارَاتِ الدِّينيَّةِ في شِعْرِهِمْ- وفي القرن السادس كان التناص القرآني من أهم وسائلهم الجهادية حيث إن القُرْآنُ الكريمُ هُوَ أَكْثَرُ اَلْكُتُبِ اَلْمُقدَّسَةِ اَلْمُسْتَشَهَدِ بِها في النُّصُوصِ الأدَبِيَّةِ، حتَّى مِنْ غَيْرِ اَلْمُسْلِمِين .
فنجد مثلا الشَّاعِرُ اَلأَلْمَاني (جيته) الذي قرأ القُرآنَ في ترجمَتِهِ اَلأَلْمَانِيَّةِ، وترجمتِه اللاتينيَّةِ، وأُعْجِبَ بِهِ إِعْجَابًا كبيرًا، دَفَعَهُ إلى أَنْ يَسْتَلْهِمَهُ وَيَستمدَّ مِنْهُ كثيرًا من النَّمَاذِجِ اَلأَدَبِيَّةِ واَلْمَوْضُوْعَاتِ والصُّوَرِ في ديوانِه اَلْمَشهور ( الدِّيوانِ الشَّرقِي لِلْمُؤَلِّفِ اَلْغَرْبِي ).
لِذَا كَانَ مِنْ اَلطَّبْعِي أَنْ يستلهم شَاعَرَ الْجَهَادْ فِي اَلْقَرْنِ اَلسَّادِسِ اَلْقُرْآنِ اَلْكَرِيمِ فِي شِعْرِهِ وَيَجْعَلُهُ جُزْءًا مِنْ اَلْقَصِيدَةِ وَيَخْلُقُ أَشْكَال مُخْتَلِفَةً مِنْ اَلتَّنَاصِّ ،وخصوصا مع ذلك الشُّعُورُ النَّفسيُّ اَلْمُتهاوِي الذي كان لدى جميعِ فِئَاتِ اَلْمُجتمعِ فى تِلْكَ الفَتْرَةِ، فوَقَفَ الشَّاعِرُ حَائرًا لا يعرفُ أيَّ مُنْطَلَقٍ يتَّخِذُ؛ لِيعبِّرَ عمَّا تَخْتَلِجُهُ نَفْسُهُ ممَّا يدورُ حَوْلَهُ من أحداثٍ، فلمْ يَجِدْ إلا القرآن الكريم ليطرحَ بِداخِلِه رُؤيتَهُ اَلْخَاصَّةَ، فَخَلَقَ تَنَاصٌّ مُبَاشِرٌ وَغَيْرُ مُبَاشِرٍ ليَتَوَافقُ مَعَ مَا يَرَاهُ مُنَاسِبًا للحَالَةِ الرَّاهِنَةِ، فمَزَجَ بينَ الحِلْمِ واَلْمَاضِي، وأَنْشَأَ عَلاقَةَ اِلْتِحَامٍ وذَوَبَانٍ، منْ خِلالِ طرحِ الرُّؤْيَةِ النَّفسيَّةِ والفِكْريَةِ والسِّيَاسِيَّةِ لَهُ ، فَالتَّنَاصُّ فِي حَقِيقَتِهِ
هُوَ اَلْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ اَلتَّفَاعُلِ اَلْوَاقِعِ فِي اَلنَّصِّ فِي اِسْتِعَادَتِهَا أَوْ مُحَاكَاتِهَا لِنُصُوصٍ سَابِقَةٍ عَلَيْهَا ، وَقد كان هذا هو الدور الذي لعبه شَاعِرُ اَلْجِهَادِ مَعَ اَلنَّصِّ اَلْقُرْآنِيِّ .
، وكان القرآن الكريم الوعاء الذي عبر من خلاله ، وهو القِنَاعُ الَّذِي يَرْتَدِيْهِ ويتوَارَى خَلْفَه؛ لِيُعبِّرَ عَنْ عَوَاطِفِه ومَشَاعِرِه، وَيَخْلِقُ حُلُولًا للحَاضِرِ؛ فأمدَّ الشُّعراءَ بِمُتَطَلَّبَاتِهِمْ،

الكلمات الرئيسية