شعرية الوباء وتحولات البطل الروائي "دراسة مقارنة بين روايتي الحرافيش لنجيب محفوظ والثأر لماري کوريللي"
بنيت الفرضية الأساية لهذا البحث على أن ثمة تحولات تقع للبطل الروائي نتيجة لانتشار الوباء في أحداث الروايتين موضع الدراسة، وهما: الثأر لماري کوريلي والحرافيش لنجيب محفوظ. لقد بنيت شعرية الوباء وتحولات البطل في الروايتين على مجموعة من العناصر والتقنيات التي رُسِمت على أساسها شخصيات الروايتين وأحداثهما. وقد قسمت الدراسة - اعتمادًا على هذا المنظور - أحداث الروايتين إلى ثلاث وحدات سردية أساسية: أ- مرحلة ما قبل الوباء (التمهيد للتحولات). ب- مرحلة انتشار الوباء (جوهر التحولات). ج- مرحلة ما بعد الوباء (مجلى تحولات البطلين). ومن ثمَّ توصلت الدراسة إلى نتيجة مؤداها أن بطلي الروايتين عاشا حلمًا فرديًّا رومانسيًّا دون أن ينفصما عن الجماعة التي تحکمت في مصيريهما ومعها الوباء؛ فأصبحا معًا، الجماعة والوباء، محرکي تحولات تلک الشخصيتين الروائيتين الملتقيتين في حب الآخر الخيِّر، ومجابهة الآخر الشرير، والامتثال للتکشفات والمفاجآت التي عرقلت مسيرتيهما الخيرة لتحقيق الهدف الأسمى، ألا وهو قيمة العدل، المتبدية في طبيعة تطور الأحداث، والمتحکمة بجلاء في تکوين الشخصيتين، ليبقى الأدب الروائي مستوعبًا، بشعريته، تلک القضايا الإنسانية الکبرى/ الوباء، مستعينًا على تمثلها وتمثيلها بطلب القيم الإنسانية الکبرى/ العدل، مشکلاً إيَّاها عبر شخصيات أبطاله الساعين نحو تحقيق تلک القيم، متأثرين بقيم مجتمعهم وقضاياه المؤثرة في بنياته الأساسية. لتصبح الشعرية الروائية بذلک مجلى القضايا الإنسانية المؤثرة في حياة الأفراد والجماعات على السواء.