الأخطاء الشائعة في بعض مکاتبات وإعلانات جامعة الملک فيصل وتصويبها

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 مدرس أصول اللغة بکلية اللغة العربية بجرجا جامعة الأزهر الشريف

2 أستاذ النحو والصرف والعروض بکلية دار العلوم جامعة الفيوم

المستخلص

فاللغة من أکرم النعم  التي أسبغها الله على الإنسان في خلقه ، وجعلها خاصته التي تميَّزَ بها عن غيره من مخلوقات الحياة غير الجن والملائکة ، فهي سبيل اتصاله بمحيط أسرته وبلده والبشرية من حوله ، ووسيلة نقل أفکاره ونظراته وأحاسيسه وعواطفه وميوله إلى غيره ، کما هي القالب الذي تُفْرِغُ فيه الأمةُ أفکارها ومفاهيمها وثقافاتها ومعتقداتها وأمجادها.
ومنذ زمن ليس بالبعيد کان اللحن أو الخطأ في اللغة نطقا وکتابة أمرًا خطيرًا تهتز له أقلام المتخصصين ، ويمتعض منه کل إنسان غيور على دينه ولغته وتراثه ومجتمعه ، ليس هذا فحسب ، بل کان الخطأ ضلالا ، فقد لحن رجل في حضرة النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال : أرشدوا أخاکم ؛ فقد ضل ([1]). والآن أصبح الخطأ في اللغة لا يستحي منه المرء ، ولا يکترث به رجال اللغة ، ولم تعد الغيرة على اللغة کما کانت من قبل ، وکما يجب أن تکون بل إنَّ من خطورة  الأمر أن يصبح الخطأ أمرًا عاديًا ، وتصبح الغيرة على اللغة وردُّ الخطأ ضربًا من المبالغة والتحمس غير المحمود حتى أصبحت مقولة ( خطأ مشهورٌ خيرٌ من فصيح مهجور) محببةً إلى کثير من الناس يهربون بها من الفصحى ، ويفرون بها من صحيح الکلام ، ولا يکلفون أنفسهم مشقة البحث عن الصحيح والصواب من الکلمات ، وإنَّ هذه العبارة أساءت إلى العربية کثيرًا ، ولا تزال تسيء إليها في مئات بل آلاف المباني والمعاني الخاطئة التي يتناقلها أرباب هذه اللغة ، يأخذها الطالب عن أستاذه ، ويتلقفها اللاحق عن السابق دون وعي ، ودون بحث ، ودون تدقيق ، ولو أنَّ کلَّ إنسان منَّا أخذ على عاتقه مسئولية البحث والتدقيق والوقوف على الصواب في النطق والکتابة وتحرى الفصيح من اللغة لَما وصل بنا الحالُ إلى ما صرنا إليه ، وصارت إليه لُغتنا العربية ، ورحم الله الإمام علي بن أبي طالب ( کرم الله وجهه) الذي قال :" لا بارک الله لي بيوم لم أزدد فيه علمًا" ، فلو أنَّ کل واحد منا أخذ على عاتقه تصويب کلمة واحدة في اليوم ؛ لما فشت فينا هذه الأخطاء التي أصبحت تحيط بنا من کل جهة وأصبحنا نسمعها على ألسنة المتخصصين في اللغة ، إننا نرى ونسمع ونشاهد کل يوم في وسائل إعلامنا وفي صحفنا وفي إعلاناتنا ومکاتباتنا ، وفي شوارعنا ومحلاتنا الخطأ تلو الآخر ، نطقا وکتابة ولا نحرِّک ساکنا ؛ لذا فقد رأينا أن نقوم بجمع أکبر قدر ممکن من الأخطاء الواردة في مکاتبات الجامعة ( جامعة الملک فيصل ) وإعلاناتها بأنواعها المختلفة ، ونقوم بتصويبها مع بيان علة الخطأ ؛ لعلَّ ذلک يُسهم بقدر ولو يسيرًا في أن نصحح بعض مفردات لغتنا العربية داخل هذه الجامعة المرموقة ؛ لأنَّ کثيرًا من هذه الإعلانات  تسيء إلى الجامعة ومنسوبيها بشکل کبير ، ومن أمثلة ذلک ، ما يأتي :
- إعلان على واجهة الجامعة ظل فترة طويلة ، وقد کتب فيه :(تحتفل جامعة الملک فيصل بأسبوع الشجرة السابع والعشرون) .
- إعلان مطبوع ومعلق على جدران کلية التربية: ) على کل من الطلبة التالية أسمائهم مراجعة ...).
- إعلان آخر عن تأجيل موعد محاضرة :( سوف لن تکون هناک محاضرة) .
- إعلان آخر عن اختبار :(على الطلبة المدونة أسمائهم مراجعة أساتذة المقررات لتحديد موعد اختبار ( غير مکتمل) للفصل الدراسي الأول ، إعتبارا
من ...) .

- إعلان يقول : (على الطلاب الراغبين في دراسة... أرجو الإسراع بتسجيل أسماؤهم باقرب وقت...).
- إعلان آخر يقول : (موعد الامتحان النصفي ...يوم الأثنين الساعة السادسة مساءًا)
- إعلان يقول : ( نفيدکم بأنه قبول الأعذار الطبية لدى... ونامل التمشي بموجبه ) .
- مطبوع ثابت يقول : (ارجوا من الطلاب الراغبين ...)
- مکاتبة تقول :( إشارة إلى خطاب معالي وزير التعليم ...بشان طلب معاليه عن رفع التمديد خدمات بعض أعضاء هيئة التدريس...)
- إعلان يقول :( سعادة عضو هيئة التدريس ، نظرًا للعذر المقدم من الطالب... لذا نرجوا من سعادتکم التکرم بالنظر لعذر الطالب...)
وعندما هممنا بالقيام بجمع المادة العلمية ؛ فوجئنا بصعوبات کثيرة ؛ لأن أغلبها کان يمس کبار المسئولين في الجامعة ، کمدير الجامعة ، والوکلاء ، وعمداء الکليات ووکلائها ، والعمادات المساندة للکليات ، کعمادة شئون الطلاب ، وعمادة القبول والتسجيل ، وعمادة البحث العلمي ،وعمادة المکتبات ، وعمادة شئون هيئة التدريس ، وأعضاء هيئة  التدريس ، وإدارة الخدمات الطبية بالجامعة ، وغير ذلک ؛ ونتيجة لما سبق حرصنا على عدم ذکر الأسماء الشخصية ، مکتفين بنسبة الخطأ إلى الجهة التي ينسب إليها فقط .
ومن الصعوبات عدم سهولة الحصول على المستندات ، وخاصة المکاتبات ؛ خوفًا من إذاعة الأسرار من وجهة نظرهم .
ومن الصعوبات أيضًا تعدد وتنوع أماکن المستندات وخصوصا الإعلانات التي وضعت داخل الحجرات ، وما غُلِّفت بألواح الزجاج ، وما کانت تظهر على الشاشات المتحرکة ، والتي تتغير من حين لآخر ، کل ذلک مع تکدس أوقاتنا بالمهام الدراسية ؛ لذا کنا- أحيانا - نذهب خُفيةً ، وغالبا في الليل ؛ لاقتناص المستند ، وتصويره .
وحرصا منا على صدق وتوثيق المعلومات فقد احتفظنا بها کلها ، بعد تصنيفها إلى الآتي :
- المکاتبات : ونعني بها المراسلات المکتوبة الصادرة من إدارة الجامعة إلى الکليات والإدارات الأخرى ، وکذلک المکاتبات الموجهة من العمداء ورؤساء الأقسام إلى أعضاء هيئة التدريس ، ومن في حکمهم من المحاضرين والمعيدين . وذلک في الفترة من 1412هـ وحتى 1429هـ .
- إعلانات عامة : والمقصود بها جميع الإعلانات الموجهة إلى کافة منسوبي الجامعة أساتذة ، وطلابا ، وموظفين ، وغيرهم ، وذلک خلال العام الدراسي 1428 - 1429هـ .
- إعلانات خاصة : وهي التي يکون تداولها داخل  کل کلية ، أو عمادة أو إدارة على حدة ، وأغلبها ما کان صادرا من أعضاء هيئة التدريس إلى طلابهم ، ومنهم بعض أساتذة اللغة العربية ، وذلک خلال العام الدراسي 1428-1429هـ .
مطبوعات عامة : وهي المستندات الثابتة ، التي تحتاج إلى ملء بياناتها ، وقد صدرت من إدارة الجامعة إلى جميع الجهات ، وذلک خلال العام الدراسي 1428-1429هـ .
- مطبوعات خاصة : وهي المستندات الثابتة ، الخاصة بکل کلية أو إدارة أو عمادة .
-  وبعد هذا التصنيف قمنا بترقيمها لسهولة الوصول إليها ، وذلک خلال العام الدراسي 1428-1429هـ .   
الهدف من البحث وأهميته :
تبرز أهمية هذا الموضوع في الآتي :
  - صون العربية الفصحى ، داخل المجتمع الثقافي الجامعي من اللهجات العامية .
 - حماية العربية من اللغات الدخيلة والأجنبية.
- إصلاح الأخطاء الإملائية .
- الحرص على توصيل مغزى المکاتبة أو الإعلان إلى مستقبليه دون أي لبس ، أو اضطراب.
- المحافظة على واجهة هذه الجامعة العريقة من مؤاخذات القراء ، والمغرضين .
- توجيه الکتاب والناسخين إلى مراجعة ما يکتبون قبل النشر والإعلان.
- بيان مواضع الأخطاء الأسلوبية ، والدلالية ، والصرفية ، والنحوية  ، ومعالجتها ؛ لعدم الوقوع فيها ثانية .
منهج البحث :
التزم البحث المنهج الوصفي التحليلي ؛ حيث يقوم بعرض العبارة التي ورد فيها الخطأ ، ثم توضيح علة الخطأ ، ثم ما نراه صوابا مع التعليل .
       خطة البحث :
أما عن الخطة المتبعة في سير البحث فقد بني البحث على خمسة فصول ، يتقدمها مقدمة ، ثم الخاتمة في نهاية البحث ، ثم قائمة بالمصادر والمراجع ،ثم  ذيلنا البحث بأبرز الفهارس الفنية ، وفيما يلي تفصيل لهذه الخطة :
- في المقدمة تناولنا مکانة اللغة العربية بين اللغات ، ثم سبب اختيارنا لهذا الموضوع والهدف منه وأهميته ، وخطة البحث ، ومنهجه .
- وفي الفصل الأول  تمت معالجة المسائل الإملائية ، بعد مدخل تناول دور الإملاء وأثره في الکتابة والقراءة ، ثم ذيلنا الفصل بجدول عام مشتمل على جميع أنواع الأخطاء الإملائية ، وعدد ورودها ،ونسبتها من أخطاء البحث. وقد اتبعنا هذا التذييل في جميع الفصول.  وقام  الباحثان بهذه المعالجة معًا ؛ لأن الخطأ الإملائي کان شائعا ، ومتنوعا ، أکثر من أية ظاهرة أخرى .
- واختص الفصل الثاني بالأخطاء الصرفية ، وقام بمعالجته ، عرضًا وتصويبا الدکتور / جابر سليم .
- أما الفصل الثالث فقد خُصِّص للمسائل النحوية ، وقام بمعالجته وتنفيذه الدکتور / رجب حجاج .
- ولکن الفصل الرابع قد تعرض  للقضايا الدلالية ، الخاصة بالعديد من الألفاظ ، وقام بشرحه وتنفيذه الدکتور/ جابر سليم .
- وأخيرا کان الفصل الخامس الذي تعرض لبعض الأساليب غير الصحيحة في مستندات الدراسة ، وقام به الدکتور / رجب حجاج .
- ثم کانت الخاتمة التي اشتملت على أهم نتائج البحث ، والمقترحات ، والتوصيات التي رآها الباحثان . 
وقبل أن نختم حديثنا لابد أن ننوه بأننا کنا - أحيانا - نکثر من الأمثلة المستشهد بها في أکثر من موضع ؛ ليس من قبيل تصيُّد الأخطاء ، وإطالة البحث ، ولکن إثباتًا لشيوع الظاهرة ؛ مما يدفع إلى التخلص منها . وأحيانا کنا نسترسل ، ونکرر ، ونبسط بعض الشروح والتبريرات ؛ حتى يفهمها غير المتخصص ، وخصوصًا من يکلَّفون من رؤسائهم بنسخ بعض المکاتبات .
وأحيانا کانت الجملة تتضمن عدة أخطاء متنوعة ؛ فکنا نکتب الجملة کما هي بالألفاظ غير الصحيحة کلها  ؛ لبيان کثرة الأخطاء وتداخلها ، ثم  نصوِّبُ کل خطإ في موضعه من البحث ، بمعنى أننا کنا نترک الأخطاء التي لا تقع في المبحث الذي نتناوله  کما هي لحين تصويبها في مکانها من البحث ، وقد نشير في الحاشية إلى ذلک بقولنا (هکذا کُتبت) ؛ حتى لا يُنسب هذا الخطأ إلى البحث .   
والله نسألُ أن يوفقنا وإياکم إلى ما فيه خدمة لغتنا –لغة القرآن الکريم- والمحافظة عليها من الأخطاء ؛ لأنها أشرف وأجل لغات العالم  ، کما يهدينا أن نقدم لهذه الجامعة العريقة الفتية عملا يستفيد منه الجميع ؛ فبالله - وحده- التوفيق
والسداد .

                  وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 

الكلمات الرئيسية